معرض مع فضل شيخ، يرصد فيه المصادرة والتهجير جراء الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1948 وأثرها على الفلسطينيين، البدو، والإسرائيليين
يسرّ جمعية سلوت (Slought) أن تعلن لكم عن "المحو"، وهو معرض صور لفضل شيخ ووثائق تاريخية تتعلق بالمصادرة والتهجير في الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1948، وتأثيرها على الفلسطينيين، البدو والإسرائيليين، سيقام المعرض في 17 آذار- 1 أيار، 2016.
يتّخذ المعرض نقطة انطلاقه من مجموعة فضل شيخ التصويرية المميّزة عن الصراع العربي الإسرائيلي، ثلاثية المحو (2015). وهو يتكوّن من ثلاثة أقسام - في إثر الذاكرة، إزهار صحراوي، الاستقلال/ النكبة - تسعى الصور إلى استطلاع تراث الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1948، والتي أقيمت على إثرها دولة إسرائيل وأُعيد تشكيل الحدود الإقليمية عبر المنطقة كلها. ستُعرض بالتزامن مع معرض سلوت، بعض معروضات هذا السجل في متحف بروكلين للفن، معرض Pace/ McGill ، وستورفرونت للفن والفن المعماري في نيويورك، مؤسسة المعمل للفن المعاصر في القدس الشرقية، وفي مركز خليل السكاكيني الثقافي في رام الله. معًا، تبحث هذه الشبكة اللامركزية للمؤسسات، إذ تعمل كلّ منها في منطقتها وموقعها، عن إنشاء حوار مشترك عبر مواقع، مواضع، ومجتمعات مختلفة حول سياسيات المصادرة والتهجير.
منذ أن زار إسرائيل والضفة الغربية للمرّة الأولى في 2010، يقول شيخ إنه بات يعتقد أنّ أي جهد يبذل لفهم هذه المنطقة ينبغي أن يأخذ بالحسبان تلك الحرب وتأثيراتها بعيدة المدى في المجتمعات المنقسمة على نفسها في إسرائيل وفلسطين. يقول بكلماته "أدّت الحرب وما تلاها إلى إخلاء أكثر من 450 بلدة وقرية فلسطينية ولجوء أكثر من 700 ألف فلسطيني إلى الدول المجاورة، أو مخيّمات اللاجئين، أو المناطق الواقعة تحت الحكم العسكري الإسرائيلي. لقد كان ذلك، حقيقةً، تفتيتًا للمجتمع الفلسطيني، وقد ترك جرحه البالغ الذي لم يلتئم بعدُ".
وحقيقة أنّ الجرح لم يلتئم بعدُ تعني أن العنف، الفواجع، الفقدان، والدمار التي كانت كلها من آثار الحرب، لا تنتمي فقط للماضي. في النهاية، لا يمكننا القول إن كلًّا من الشعبين أو جانبي الصراع يمكنهم تفاديها. لقد طال هذا الصراع المدمر لهذا التوتر كل جيل منذ ذلك الحين. فإذا وضعنا نصبَ أعيننا أنّ تاريخ مصادرة الأراضي ما زال مستمرًّا من قبل دولة إسرائيل، مثلا، فستُظهر لنا صورُ شيخ أن كوارث 1948 لم تنتهِ بعدُ. يمكن تبيّن آثار التدمير لحياة الفلسطينيين بما حدث من عدوان بعد الحرب، وفي تهجير البدو في صحراء النقب الذي قلّما يُتطرق إليه، وهو ما تركز عليه مجموعة "إزهار صحراوي" لشيخ. فيما يخصّ الأخيرة، يكشف شيخ النقاب عن الأثر التاريخي والحالي لما يسمّى "نكبة البدو"، وهي الفترة ما بين 1948 و 1953 عندما قام الجيش الإسرائيلي بإعادة ترحيل ما يقارب 90% من بدو النقب. يمكن -عادةً- تبيّن آثار التدمير أيضًا فيما يجد الفلسطينيون، والبدو والإسرائيليون فيه أنفسهم من أوضاع يرثى لها. إنهم يرثَوْن لأنفسهم، ولعدم مقدرتهم على التقرب كلٌّ من الآخَر. في طلبه منّا بأنْ نصغي للتاريخ الذي يفرّق ويؤلّف في آنٍ معًا بين هذه الفئات - لأن تاريخَ أحدها، بالنسبة إليه، لا يمكن فصله عن تاريخ الفئة الأخرى - يأمل شيخ أن يُرسي دعائم التعاطف الذي يمكنه أن يصنع التغيير.
ما يجعل شيخ يقدم على ذلك هو أنّ رفع النقاب عن محاولات المحو المتنوعة والتصدي لها، خلال العقود المنصرمة، قد يثمر محوَ كلا الأمرين: عنف هذا التاريخ، وأعمال المحو نفسِها. يأمل من خلال عمله أن يحظى عمله بالتأثير في اضطلاع دولة إسرائيل بمصادرة الفلسطينيين والبدو، وفي مصادرة الذاكرة التي من غيرها لا يمكن للتاريخ أن يُروى كما يجب أن يروى. باستحضار نماذج هذه الأضرار معًا في صُوَره، يستدعي شيخ أيضًا، بنوع من المقارنة الشكلية، عدم قدرة الإسرائيليين وعرب الـ48 واللاجئين الفلسطينيين والبدو على الانتماء سواءً لمكان واحد، زمان واحد، بل حتى مجتمع واحد. إنهم مثل الصور التي ستمثّلهم، موجودون في وسطها، كما يعبّر عن ذلك محمود درويش، "من في الداخل يخرج، ومن في الخارج يدخل". يبحث معرض "محو" عن إعادة التجربة لهذا المنفى بعين مشاهديه. بجعل تاريخ التهجير ماثلًا للعيان، يحدونا الأمل في الحدّ من حالة التنكر التاريخي وتحويل إدراكنا لهذا الصراع الجاري.
اقرأ أكثر
فضل شيخ هو فنّان، يمارس في أعماله فن التصوير، الكتابة، الصور الحركية، والشهادة الشفهية. تتطرّق أكثر أعماله إلى قضايا حقوق الإنسان الشائكة ولطالما قام بالتركيز على الفئات التي هُجّرت وصودرت. على مدى 25 عامًا الماضية أو ما يقاربها قام بتوثيق ظاهرة اللجوء المتفاقمة، والتاريخ الحديث للناس والأشخاص الذين هُجّروا- في أفغانستان، باكستان، الهند، الصومال، كينيا، البرازيل، وما عداها.
لقد عُرضت أعماله، من ضمن عدة أماكن، في Tate Modern في لندن، مؤسسة Henri Cartier-Bresson في باريس، معرض الصور العالمي والأمم المتحدة في نيويورك، متحف الفن المعاصر في موسكو، ومؤسسة MAPFRE في مدريد. لقد حظي بجائزة "إنفينيتي" من معرض الصور العالمي، ميدالية الامتياز من ليسيا (Leica)، جائرة Grand Prize الدولية من Henri Cartier-Bresson، وجائزة Lucie للأعمال الإنسانية. وحظي كذلك بصداقة العضوية في مؤسسة Fulbright، مؤسسة Guggenheim، ورابطة الفنون الدولية، وسنة 2005 تم اعتباره كعضو صداقة في MacArthur.
من بين كتبه: الإحساس بأرض مشتركة (1996)، نحيب المنتصر (1998)، جَمل الشمس (2001)، قمر رمضان (2001)، موكشا (2005)، لادلي (2007)، الدائرة (2008)، وآخر أعماله ثلاثية المحو (2015).
يحتوي معرض سلوت على صور مختارة من سجلّ "في إثر الذكريات" في المعرض الأمامي، وعلى مجموعة من 48 صورة من سلسلة إزهار صحراوي تُعرض في المعرض الداخلي، وعلى وصورٍ، وثائقَ تاريخية وفلمٍ تسجيلي يتعلق بالهدم المتكرر لقرية العراقيب البدوية في المعرض الخلفي.
بالتوازي مع المعرض، ستُوزّع نشرة صغيرة الحجم، معدّة كأرشيف متنقّل قد أعدّ باللغة الإنجليزية، العبرية والعربية، حيث سيحتوي على التعليقات والمعلومات النصّية عن الموّاد المعروضة. كما يُعتبر موقعنا على الشبكة سجلًا متعدّد اللغات لإتاحة الحوار عبر عدة دول، لغات، ومستويات اقتصادية.
سترافق المعرض أيضًا برامج عامة. من بينها محاضرة سيلقيها شيخ في معرض صور سيلفرشتاين في ICA فيلادلفيا في 24 آذار 2016، الساعة 6:30 بعد الظهر.
شكر وعرفان
نودّ أن نقدّم جزيل الشكر والعرفان للمتبرّع الذي فضّل عدم ذكر اسمه، ولمؤسسة أندي وارهول للفنون البصرية لدعمهم السخّي.
نقدم كذلك جزيل الشكر لفضل شيخ، الذي سيكون فنّانًا مقيمًا في سلوت خلال ربيع 2016. نحن ممتنون لروحه التعاونية وكل ما قام به من أجل إتاحة إقامة المعرض. كل المؤسسات التي تعرض هذه الأعمال في هذا الربيع ممتنة ومدينة له ولأعماله.
المعارض المرافقة ومؤسساتها